
قال الرافعي: عن فاطمة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها في عدتها من طلاق زوجها: «فإذا حللت فآذنيني». قالت: فلما حللت أخبرته أن معاوية وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، انكحي أسامة». قالت: فكرهته، قال: «انكحي أسامة». فنكحته، فجعل الله فيه خيرا، واغتبطت به.
معاوية المذكور في الحديث هو معاوية بن أبي سفيان، وقد ذُكر في بعض روايات الحديث بنسبه، ومنهم من قال: المراد غيره. [شرح مسند الشافعي: 3/ 183]
وقال النووي: في «الصحيحين» عن فاطمة بنت قيس، أنها قالت: يا رسول الله، إن معاوية وأبا جهم خطباني... إلى آخره. ذكره في «المهذب» في النكاح، المراد بمعاوية: معاوية بن أبى سفيان، هذا هو الصواب المشهور، وحكى أبو القاسم الرافعي في كتاب النكاح من «شرح الوجيز» عن بعض العلماء أنه معاوية آخَر. قال: والمشهور أنه ابن أبى سفيان.
قلت: وقول من قال: إنه غير ابن أبى سفيان. غلط صريح؛ ففي «صحيح مسلم» عن فاطمة بنت قيس قالت: لما حللت ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم أن معاوية بن أبى سفيان وأبا الجهم خطباني، وذكرت تمام الحديث. [تهذيب الأسماء واللغات: 2/ 104]
وقال أيضا: قولها: فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا الجهم خطباني. هذا تصريح بأن معاوية الخاطب في هذا الحديث هو معاوية بن أبي سفيان بن حرب، وهو الصواب، وقيل: إنه معاوية آخَر. وهذا غلط صريح نبهت عليه لئلا يغتر به، وقد أوضحته في «تهذيب الأسماء واللغات» في ترجمة معاوية، والله أعلم. [شرح صحيح مسلم: 10/ 98]
وقال ابن حجر: حديث فاطمة بنت قيس، أن زوجها طلقها فبت طلاقها، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم، وقال لها: «إذا حللت فآذنيني». فلما حلت أخبرته أن معاوية وأبا جهم خطباها. الحديث. رواه مسلم من حديثها، وله طرق وألفاظ.
قوله [يعني الرافعي]: اختلف في معاوية هذا، هل هو ابن أبي سفيان أو غيره؟ قلت: هو هو؛ ففي صحيح مسلم التصريح بذلك. [التلخيص الحبير: 3/ 314]
وقال أيضا: معاوية غير منسوب، حكى الرافعي أنه قيل: إن المذكور في حديث فاطمة بنت قيس قالت: إن معاوية وأبا جهم خطباني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «معاوية صعلوك لا مال له» الحديث. ليس هو معاوية بن أبي سفيان الذي ولي الخلافة، بل هو آخَر.
قال النووي: وهذا غلط صريح؛ فقد وقع في «صحيح مسلم» في هذا الحديث: معاوية بن أبي سفيان، والله أعلم. [الإصابة: 10/ 456 (القسم الثالث)]
قلنا: حديث مسلم المشار إليه رواه أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن فاطمة بنت قيس، أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب، فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء. فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: «ليس لك عليه نفقة». فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك، ثم قال: «تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي عند ابن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى، تضعين ثيابك، فإذا حللت فآذنيني». قالت: فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد». فكرهته، ثم قال: «انكحي أسامة». فنكحته، فجعل الله فيه خيرا، واغتبطت به. [أخرجه مسلم: 1480]